السبت، 30 أبريل 2016

ما المقصود بالخلافة، وما الشروط الواجب توافرها فى الخليفه،..؟

مبادئ نظم الحكم في الإسلام - د/ انس جعفر

س3: ما المقصود بالخلافة، وما الشروط الواجب توافرها فى الخليفه ، وكيف يتم إختياره ، وما هى الطبيعة القانونيه للخلافة ، وما مدى جواز فقده لمنصبه، وما هى اختصاصاته ؟ سؤال مهم جداً

جـ3:

** تعريف الخلافة :

الخلافة لغة : مصدر تخلف فيقال : تخلف فلان إذا تأخر عنه ، أو إذا جاء خلف آخر ، ويسمى القائم بالخلافة خليفة أو إماماً فأما تسميته خليفة لأنه يخلف النبي صلى الله عليه وسلم في أمته وأما تسميته إماماً فقياساً على إمامة الصلاة وتشبيهاً بإمام الصلاة في اتباعه والاقتداء به. ويقصد بالخلافة رئاسة الدولة الإسلامية، وقد أورد الفقهاء تعريفات عديدة لها فذهب البعض إلى تعريفها بأنها رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا.

** شروط الخلافة :

1- العدالة على شروطها الجامعة

2- العلم المؤدي إلى الاجتهاد في الأحكام

3- سلامة الحواس من السمع والبصر واللسان

4- سلامة الأعضاء من نقص يمنع استيفاء الحركة وسرعة النهوض

5- الرأي المفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح

6- الشجاعة والنخوة المؤيدة لحماية الأفراد وجهاد العدو

7- الانتساب إلى قريش.

- وقد خالف بن خلدون في الشرط الأخير فلم يستلزم في الخليفة أن يكون قريشياً واكتفى بالشروط الآتية وهي أربعة (العلم والكفاية والعدالة وسلامة الحواس) فأما اشتراط العلم لأنه يكون منفرداً بإيضاح أحكام الله تعالى إذا كان عالماً بها فإذا لم يكن عالماً لا يصح تقديمه لها، وأما العدالة فلأنه منصب ديني ينظر في سائر المناصب التي هي شرط فيها فكان أولى باشتراطها فيه، وأما الكفاية فهو أن يكون جريئاً على إقامة الحدود واقتحام الحروب، وأما سلامة الحواس والأعضاء من النقص والعطلة كالجنون والعمى والصمم والخرس وما يؤثر فقده من الأعضاء في العمل كفقد اليدين والرجلين فيشترط السلامة منها كلها لتأثير كل ذلك في تمام عمله

** كيفية اختيار الخليفة :

يتم اختيار الخليفة على مرحلتين هما: مرحلة الترشيح ومرحلة البيعة. وقد يتم الترشيح عن طريق الاستخلاف من الإمام القائم وذلك قبل موته كما حدث عندما استخلف أبو بكر الصديق عمر بن الخطاب ليتولى الإمامة بعد وفاته إلا أنه في الأوضاع العادية فإن الترشيح يتم عادة بواسطة أهل الحل والعقد وهم طائفة من علماء المسلمين، ثم مبايعة المسلمين في المسجد، وهذه الطريقة تشابه نظام الاستفتاء الشعبي الذي تطبقه بعض الدول حالياً.

** شروط أهل الحل والعقد:

1- العلم الذي يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة بشروطها

2- العدالة الجامعة بشروطها

3- الرأي والحكمة المؤديان لاختيار من هو للإمامة أصلح

- وأيا ما كان الأمر الذي يقوم عليه تحديد أهل الحل والعقد ومهما كان عددهم فإن الثابت أن مبايعة الخليفة لا تتم إلا بإجماع المسلمين، وعلى ذلك فليس من حق الخليفة القائم أن يعين من يخلفه. مما سبق يتضح لنا ما يلي:

1- أن الإسلام لا يعرف نظام التوارث في الحكم

2- أن الإسلام لا يعرف فكرة تعيين ولي العهد أو بعبارة أخرى لا يعرف تعيين خليفة المستقبل ما دام الخليفة الحالي قائماً، ولهذا نجد عبد الله بن الزبير يمتنع عن مبايعة يزيد بن معاوية، كما نجد سعيد بن المسيب أحد علماء المدينة يمتنع عن البيعة للوليد بن عبد الملك في حياة أبيه

** الطبيعة القانونية للخلافة :

هناك إجماع بين فقهاء وعلماء المسلمين باستثناء الشيعة على أن الخلافة أو الإمامة عقد مبايعة يتم بين الأمة ممثلة في أهل الحل والعقد السابق ذكرهم وبين الحاكم الذي تم اختياره إماماً للأمة بعد التشاور بينهم، وهدف هذا العقد هو أن يعمل الحاكم على تنفيذ أحكام الشريعة الإسلامية. وهذا العقد هو عقد حقيقي أساسه التراضي بين الطرفين الأمر الذي يترتب عليه أنه إذا ما أخل الخليفة بواجباته بوصفه طرفاً في العقد كان المسلمون في حل واستوجب العزل واختيار خليفة غيره فحق العزل مقرر لمن بيده إعطاء السلطة وهم أهل الحل والعقد

** فقد الخليفة لمنصبه :

من المقرر في الشريعة الإسلامية وفي القانون الوضعي أن من يملك السلطة يملك سحبها، فالشعب ممثلاً في أهل الحل والعقد هم الذين اختاروا الخليفة فإن من حقهم عزله إذا حاد عن الطريق السليم وخرج على المصلحة العامة للمسلمين وقد اتفق إجماع الفقهاء على ذلك، والدليل على جواز عزل الخليفة الأحاديث والأقوال التالية:

- (السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب أو كره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)

- ويقول الخليفة أبو بكر: أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم

وقد حدد الإمام الماوردي أمثلة لبعض الأسباب التي تؤدي إلى عزل الخليفة:

أولاً: جرح في عدالته   -ثانياً: نقص في بدنه

أولاً: الجرح في عدالته: وهو الفسق وهو على ضربين:

1- اتباع الشهوة: وهو متعلق بأفعال الجوارح وهو ارتكابه للمحظورات وانقياده للشهوة والهوى، فهذا فسق يمنع من انعقاد الإمامة في بدايتها ومن استدامتها

2- ما تعلق فيه بشبهة: ومنها الاعتقاد المتأول بشبهة خلاف الحق

ثانياً: النقص في البدن: ينقسم ثلاثة أقسام:

1- نقص الحواس 2- نقص الأعضاء 3ـ نقص التصرف

1- نقص الحواس: ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

أ- قسم يمنع من الإمامة: وهما شيئان: أحدهما زوال العقل، والثاني ذهاب البصر، أما زوال العقل كالجنون والخبل فهذا يمنع من انعقاد الإمامة ويخرج منها، فإذا كان عارضاً كالإغماء فهذا لا يمنع من انعقاد الإمامة ولا يخرج منها لأنه مرض سريع الزوال وقد أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه. وأما ذهاب البصر فيمنع من عقد الإمامة واستدامتها فإذا طرأ بطلت به الإمامة، وأما عشاء العين وهو أن لا يبصر جيداً في الليل فلا يمنع من الإمامة في عقد ولا استدامة لأنه مرض يرجى زواله كذلك ضعف البصر فإن كان يعرف به الأشخاص لم يمنع من الإمامة وإن كان يدرك الأشخاص ولا يعرفهم منع من الإمامة عقداً واستدامة

ب- قسم من نقص الحواس لا يمنع من الإمامة: وهما شيئان: أحدهما :ـ المرض في الأنف . والثاني :ـ فقد الذوق فلا يؤثر هذا في عقد الإمامة لأنهما يؤثران في التمتع بالشم والمأكل ولا يؤثران في الرأي والعمل.

ج- قسم مختلف فيه: أما القسم الثالث من الحواس المختلف فيه فشيئان: الصمم والخرس فيمنعان من ابتداء عقد الإمامة، لأن كمال الأوصاف بوجودهما مفقود، واختلف في الخروج بهما من الإمامة، والراجح أنهما يخرجا من الخلافة.

2- نقص الأعضاء: يمنع من البداية انعقاد الإمامة ويخرج منها إذا حدث.

3- نقص التصرف: يمنع من البداية ويخرج منها إذا حدث مثل زوال العقل.

** اختصاصات الخليفة :

1- حفظ الدين على أصوله وما أجمع عليه السلف من الأمة، وإن أخطأ شخص أوضح له الصواب

2- تنفيذ الأحكام بين المتشاجرين وقطع الخصام فلا يتعدى ظالم ولا يضعف مظلوم

3- حماية الدولة وإبعاد الناس عن المحارم ليتصرف الناس وينتشروا آمنين من تهديد في النفس أو المال.

4- إقامة الحدود لتصان محارم الله تعالى وتحفظ حقوق عباده

5- تحصين الثغور بالعدة المانعة والقوة الدافعة

6- جهاد من عاند الإسلام بعد الدعوة حتى يسلم أو يدخل في الذمة

7- جباية الفيء والصدقات على ما أوجبه الشرع من غير خوف

8- تقدير العطايا وما يستحق في بيت المال ودفعه في وقته

9- تعيين الأمناء لتكون الأعمال بالكفاءة مضبوطة والأموال بالأمناء محفوظة.

10- مباشرة الأمور بنفسه لينهض بسياسة الأمة فقد يخون الأمين ويغش الناصح.

- وهكذا يتبين لنا أن الحكومة الإسلامية تعمل من جانب على إقامة الدين ومن جانب آخر على تحقيق مصالح جميع الأفراد فالدولة الإسلامية عموماً أشمل في اختصاصاتها من الدولة الحديثة لأنها تقوم بوظائف مادية وروحية في وقت واحد.

السؤال منسقاً للطباعة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق